فصل: الشاهد السادس والخمسون بعد الخمسمائة:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: خزانة الأدب وغاية الأرب (نسخة منقحة)



.استيلاء العادل على مصر.

ولما رحل الأفضل والظاهر إلى بلادهم تجهز العادل إلى مصر وأغراه موالي صلاح الدين بذلك واستحلفوه على أن يكون ابن العزيز ملكا وهو كافله وبلغت الأخبار بذلك إلى الأفضل وهو في بلبيس فسار منها ولقيهم فانهزم لسبع خلون من ربيع الآخر سنة ست وتسعين ودخل القاهرة ليلا وحضر الصلاة على القاضي الفاضل عبد الرحيم البيساني توفي تلك الليلة وسار العادل لحصار القاهرة وتخاذل أصحاب الأفضل عنه فأرسل إلى عمه في الصلح وتسليم الديار المصرية على أن يعوضه دمشق أو بلاد الجزيرة وهي حران والرها وسروج فلم يجبه وعوضه ميافارقين وجبال نور وتحالفوا على ذلك وخرج الأفضل من القاهرة ثامن عشر ربيع واجتمع بالعادل وسار إلى بلده صرخد ودخل العادل القاهرة من يومه ولما وصل الأفضل صرخد بعث من يتسلم البلاد التي عوضه العادل وكان بها ابنه نجم الدين أيوب فامتنع من تسليم ميافارقين وسلم ما عداها وردد الأفضل رسله في ذلك إلى العادل فزعم أن ابنه عصاه فعلم الأفضل أنه أمره واستفحل العادل في مصر وقطع خطبة المنصور بن العزيز وخطب لنفسه واعترض الجند ومحصهم بالمحو والإثبات فاستوحشوا لذلك وبعث العادل فخر الدين جهاركس مقدم موالي صلاح الدين في عسكر إلى بانياس ليحاصرها ويملكها لنفسه ففصل من مصر للشام في جماعة الموالي الصلاحية وكان بها الأمير بشارة من أمراء الترك ارتاب العادل بطاعته فبعث العساكر إليه مع جهاركس والله تعالى أعلم.

.مسير الظاهر والأفضل إلى حصار دمشق.

ولما قطع العادل خطبة المنصور بن العزيز بمصر استوحش الأمراء لذلك ولما كان منه في اعتراض الجند فراسلوا الظاهر بحلب والأفضل بصرخد أن يحاصرا دمشق فيسير إليهما الملك العادل فيتأخرون عنه بمصر ويقومون بدعوتهما ونمي الخبر إلى العادل وكتب به إليه الأمير عز الدين أسامة جاء من الحج ومر بصرخد فلقيه الأفضل ودعاه إلى أمرهم وأطلعه على ما عنده فكتب به إلى العادل وأرسل العادل إلى ابنه المعظم عيسى بدمشق يأمره بحصار الأفضل بصرخد وكتب إلى جهاركس بمكانه من حصار بانياس وإلى ميمون القصري صاحب نابلس بالمسير معه إلى صرخد ففر منها الأفضل منها الأفضل إلى أخيه الظاهر بحلب فوجده يتجهز لأنه بعث أميرا من أمرائه إلى العادل فرده من طريقه فسار إلى منبج فملكها ثم قلعة نجم كذلك وذلك سلخ رجب من سنة سبع وتسعين وسار المعظم بقصد صرخد وانتهى إلى بصرى وبعث عن جهاركس والذين معه على بانياس فغالطوه ولم يجيبوه فعاد إلى دمشق وبعث إليهم الأمير أسامة يستحثهم فأغلظوا له في القول وتناوله البكاء منهم وثاروا به جميعا فتذمم لميمون القصري منهم فأمنه وعاد إلى دمشق ثم ساروا إلى الظاهر حضر به صلاح الدين وأنزله من صرخد واستحثوا الظاهر والأفضل للوصول فتباطأ الظاهر عنهم وسار من منبج إلى حماة فحاصرها حتى صالحه صاحبها ناصر الدين محمد على ثلاثين ألف دينار صورية فارتحل عنها تاسع رمضان إلى حمص ومعه أخوه الأفضل ومنها إلى بعلبك إلى دمشق ووافاه هنالك الموالي الصلاحية مع الظاهر خضر بن مولاهم وكان الوفاق بينهم إذا فتحوا دمشق أن تكون بيد الأفضل فإذا ملكوا مصر سار إليها وبقيت للظاهر وأقطع الأفضل صرخد لمولى أبيه زين الدين قراجا وأخرج أهله منها إلى حمص عند شيركوه بن محمد شيركوه وكان العادل قد سار من مصر إلى الشام فانتهى إلى نابلس وبعث عسكرا إلى دمشق ووصلوا قبل وصول هذه العساكر فلما وصلوها قاتلوها يوما وثانيه منتصف ذي القعدة وأشرفوا على أخذها فبعث الظاهر إلى الأفضل بأن دمشق تكون له فاعتذر بأن أهله في غير مستقر ولعلهم يأوون إلى دمشق في خلال ما يملك مصر فلج الظاهر في ذلك وكان الموالي الصلاحية مشتملين على الأفضل وشيعة له فخيرهم بين المقام والانصراف ولحق فخر الدين جهاركس وقراجا بدمشق فامتنعت عليهم وعادوا إلى تجديد الصلح مع العادل على أن يكون للظاهر منبج وأفامية وكفر طاب وبعض قرى المعرة والأفضل له سميساط وسروج ورأس عين وحملين فتم ذلك بينهم ورحلوا عن دمشق في محرم سنة ثمان وتسعين وسار الظاهر إلى حلب والأفضل إلى حمص فأقام بها عند أهله ووصل العادل إلى دمشق في تاسوعاء وجاء الأفضل فلقيه بظاهر دمشق وعاد إلى بلاده فتسلمها وكان الظاهر والأفضل لما فعلا من منبج إلى دمشق بعثا إلى نور الدين صاحب الموصل أن يقصد بلاده العادل بالجزيرة وكانت بينه وبينهما وبين صاحب ماردين يمين واتفاق على العادل منذ ملك مصر مخافة أن يطرق أعمالهم فسار نور الدين عن الموصل في شعبان ومعه ابن عمه قطب الدين صاحب سنجار وعسكر ماردين ونزلوا رأس عين وكان الفائز بن العادل في عسكر يحفظ أعمالهم بالجزيرة فبعث إلى نور الدين في الصلح ووصل الخبر بصلح العادل مع الظاهر والأفضل فأجابهم نور الدين إلى الصلح واستخلفوا وبعث أرسلان من عنده إلى العادل فاستخلفوه أيضا وصحت الحال والله تعالى ولي التوفيق.